الشركات السورية في المدينة
منذ بدء توافد اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة إلى لبنان، ساد اعتقاد شائع بأنهم ينشئون أعمالهم الخاصّة التي تنافس اللبنانيين، ما ولّد ردود فعل عنيفة من المجتمعات المضيفة. تسعى هذه الدراسة إلى دحض التصوير الاختزالي لـ"اللاجئ السوري" كعبء، وتعرض في المقابل المساهمة الاقتصادية التي قدّمها بعض رجال الأعمال والرياديين السوريين للأحياء الحضرية.
في إطار هذه الدراسة، اُجريت خلال شهري آذار ونيسان 2017 اثنا عشر مقابلة وجاهية مع سوريين أتوا إلى بيروت بعد اندلاع الحرب وأسَّسوا شركات صغيرة ومتوسّطة الحجم، معظمها في الحمرا، بالإضافة إلى طريق الجديدة وعرمون. أجريت معهم مقابلات شبه منظّمة، واستُخرجت منها المخاوف التي أعربوا عنها بشأن أعمالهم، ووضعهم القانوني، وتنقّلهم، والقيود الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها، وعلاقاتهم مع أصحاب الأعمال والزبائن اللبنانيين، بالإضافة إلى علاقاتهم مع المدينة نفسها.
مع الأخذ بالاعتبار أن أصحاب الأعمال يشكّلون، من دون أدنى شكّ، أقلية من اللاجئين في لبنان، إلّا أنهم في الحقيقة مكمّلين للحركة الاقتصادية اللبنانية في المناطق الحضرية، لا منافسين، خصوصاً أن الشركات السورية تساهم في إثراء الممارسات المكانية في المدينة. من هنا، يتبيّن أن تجاربهم مهمّة للتوثيق كونها قادرة على إرشاد التدخّلات السياسية المفيدة التي قد تجعل من العمالة السورية الذاتية فرصة للتنمية الاقتصادية المحلّية في المدن والبلدات.