التعافي في مواقع التراث الثقافي بعد الحرب: حلب تحت القلعة
يوثّق مشروع حلب تحت القلعة عمل الطلّاب المشاركين في الاستوديو الذي قدّمه برنامج الدراسات العليا في التنظيم الحضري في الجامعة الأميركية في بيروت، خلال ربيع 2017-2018، تحت إشراف هويدا الحارثي وجالا مخزومي. يعرض الكتاب استراتيجيات مكانية مُبتكرة ومُجدية وملموسة اقترحها الطلّاب من أجل تحقيق التعافي في حلب عن طريق إعادة إعمار الفضاء العام وإعادة تشكيله في فترات ما بعد الحرب، لا سيّما المشحون بتراث ثقافي ويتركّز في منطقة "تحت القلعة".
عن الاستوديو
درس الاستوديو دور التصميم الحضري في خلق "فضاء اجتماعي متكامل" ضمن عملية "التعافي الثقافي"، التي تُعدُّ إحدى إشكاليات التصميم الأكثر صعوبة في منطقتنا اليوم. تحقيقاً لهذه الغاية، ألقى الاستوديو نظرة فاحصة على خطاب وأساليب إعادة الإعمار بعد الحرب؛ من الحماة المتطرّفين الذين يحاججون بأنه "من الواجب إتاحة الفرصة للأجيال المقبلة من أجل اختبار الاستمرارية التاريخية"، إلى الحداثيين الذين يرون في إعادة الإعمار فرصة لإخضاع المدينة إلى تخطيط عقلاني. عالج الاستوديو أيضاً دور استراتيجيات التصميم الحضري في عملية التعافي عبر استخدام إطار العدالة الاجتماعية والبيئية، وركّز على الحيِّز العام بوصفه مولِّداً لعملية إعادة الإعمار، واتخذ من حلب السورية موقعاً لدراسته، نظراً لبروز هذه القضايا فيها بشكل واضح. سعينا إلى تقديم الاستوديو كنوعٍ من التحدّي الاحترافي، بحيث اجتمع عدد من الطلّاب وأعضاء هيئة التدريس وممثِّلي المجتمع المحلّي والأساتذة الزائرين والمصمِّمين الحضريين والمهندسين المعماريين، وتبادلوا الأفكار على امتداد مراحل المشروع بهدف اخضاع مواد الصفّ لنقاش نقدي، وتحدِّي السيناريوهات المطروحة، ونقد الصيغ الشائعة في مجال تطوير التصميم الحضري.
أقسام الكتاب
يتألَّف الاستوديو من أربعة أقسام تشكّل فصول الكتاب الرئيسية. في القسم الأول، طوِّرت قراءة تكاملية حول حلب والمنطقة المحيطة تشمل الجوانب التاريخية والمكانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإيكولوجية. في القسم الثاني، تقلّص التركيز على المساحة الموجودة أسفل قلعة حلب، وتمّ التخلّي عن مستويات القراءة الأوّلية من أجل بناء فهم حول تشكّل المساحة في ظلّ السرديات السياسية والاقتصادية المتغيِّرة من العصور الوسطى إلى العصور الاستعمارية والقومية وصولاً إلى العصر الراهن. شكّلت الخرائط والنصوص أساس الفصل الثالث الذي تمحور حول رؤى التعافي. وكان التفاعل مع ممثِّلي المجتمع المحلّي، والتعليقات الصادرة عنهم، عاملاً أساسياً في اختبار مختلف التصوّرات المطروحة من الطلّاب. أجمع المجتمع المحلّي على أن القلعة تجسّد، بجوهرها التاريخي، الهوية المشتركة لحلب، وبالتالي ينبغي إعادة القلعة والفضاءات المجاورة إلى عهدها السابق، وقد أسفر عن ذلك تبنّي رؤية مشتركة ارتكز عليها الفصل الرابع في تصوّر مفاهيم التصميم الحضري وتطويرها.