الشغور كفرصة لإعادة تنشيط الحياة العامة في بيروت

الشغور كفرصة لإعادة تنشيط الحياة العامة في بيروت

تتمتّع بيروت بمستوى عالٍ من الكثافة السكّانية والعمرانية حيث تقلّ المساحات العامّة المفتوحة، ويتّسم معظمها برداءة التصميم وسوء الإدارة. أدّى تسليع الأراضي واستغلالها تجارياً إلى تغيير الأحياء بشكل جذري على حساب الحياة العامّة. تضمّ هذه الأحياء العديد من العقارات الشاغرة - المبنية وغير المبنية، غير القابلة للبناء، والعامّة والخاصة - التي تحمل فرصاً قيّمة لإعادة التفكير في الحياة العامّة في المدينة. كيف يمكن للممارسة الحضرية المُنخرطة أن تعيد تنشيط الممارسات المكانية والحياة العامّة في أحياء بيروت؟

إدارة: منى حرب ودانه مزرعاني

فريق التمثيل البصري: أحمد غربية، نور زغبي فارس، شريف ترحيني

شركاء: رنا سمارة-جبيلي، منى خشن

مساعدو بحوث: رنيم نحلة، رانيا نويهض، ريبال أمين الدين، لين فضل الله

للمزيد، إقرأوا مقال دانه مزرعاني "العقارات و المساحات الشاغرة في المناطق الحضرية كفرص لاستعادة الأماكن العامة في أوقات الأزمات والتقشّف" باللغتين العربية والإنكليزية، الذي نشر في عدد كانون الأول من ملحق بناء السلام في لبنان الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

تضمّ منطقة بيروت الإدارية 21 حديقة ومنتزهاً عامّاً، بالإضافة إلى كورنيش ساحلي وعدد قليل من المواقع الشاطئية المُتاحة للجمهور. تبلغ المساحة الإجمالية للحدائق أقل من متر مربّع لكلّ مقيم. على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، تعدّدت العوامل المؤدّية إلى تسليع المدينة وتكريس قيمة الأرض التبادلية مع التفريط بقيمتها الاجتماعية، محوّلة الأحياء الحضرية بطرق جذرية على حساب الممارسات المكانية. ومع ذلك، لا تزال المدينة تحتفظ بسمات حياة عامّة غنيّة تمتدّ جذورها إلى عمق تاريخها الحضري، ويمكن اختبار هذه الخواص في الشوارع والأسواق، ولكن أيضاً عبر عددٍ من الممارسات المكانية التي تنتشر في المساحات المفتوحة العامّة والخاصّة، المخفية إلى حدّ ما، مثل الأزقة والسلالم ومداخل المباني والعقارات الشاغرة وغيرها من المواقع العشوائية، فضلاً عن أن بعض هذه المواقع غني بالحياة النباتية التي تثير الحواس وتشكّل أساس علاقتنا العاطفية مع المدينة. نؤمن بأنه يمكن ويجب إعادة أرشفة هذه الممارسات المكانية وإنعاشها واستعادتها، ونعتقد أيضاً أن للمخطِّطين والمصمِّمين الحضريين القدرة على تأدية دور حاسم في الدعوة والتنظيم لاستردادها، بالشراكة الوثيقة مع سكّان المدينة ومحبّيها، والنشطاء الحضريين، وأصحاب المصلحة المعنيين من القطاعين العام والخاص. 

إن مسح العقارات العامّة والمواقع المفتوحة المٌستخدمة من العموم (الخريطة أ) والعقارات الشاغرة غير القابلة للبناء (الخريطة ب) في بيروت الإدارية، يؤكّد على الفرص المتبقية التي لا يزال بالإمكان استغلالها لإعادة تنشيط الحياة العامّة في المدينة. في الواقع، تضمّ بيروت العديد من الشواغر، المبنية وغير المبنية، العامّة والخاصّة، أحياناً يتمّ خصخصة بعضها، غالباً لأغراض خاصّة، ونادراً لاستخدامات مشتركة.

اختبرنا فرضيتنا في دار المريسة (الخريطة ج)، حيث رُسِمت خرائط تفصيلية لمحرّكي التحوّلات الحضرية في الأحياء، لا سيّما المرافق التعليمية والمباني السكنية المسوّرة، وكذلك العقارات الشاغرة المُتاحة والمُهمّشة، بما تحويه من نباتات برّية، ووثّقت العقارات والسلالم العامّة الموجودة. بمعزل عن طابعه السلعي، نسعى من خلال هذا العمل إلى تسليط الضوء على ما يوفّره الشغور من احتمالات مُتعدّدة للاستفادة من نسيج بيروت الحضري وتعزيز الحياة العامّة، التي تضمّ الناس والذكريات والطبيعة والحواس.

 

قطعة أرض كبيرة يحيطها سياج حديدي صدئ تغزوها النباتات البرية. استحصلت شركة إماراتية على هذه الأرض المغلقة منذ عقود لبناء فندق شيراتون في ستينات القرن الماضي. أما اليوم فقد أغلقت هذه الأرض من جديد  وتضم بناءً صغيراً من طابقين (تصوير: تالا شهيب، آذار 2020)
قطعة أرض كبيرة يحيطها سياج حديدي صدئ تغزوها النباتات البرية. استحصلت شركة إماراتية على هذه الأرض المغلقة منذ عقود لبناء فندق شيراتون في ستينات القرن الماضي. أما اليوم فقد أغلقت هذه الأرض من جديد وتضم بناءً صغيراً من طابقين (تصوير: تالا شهيب، آذار 2020)
حديقة طولية الشكل تلف مبنى الرياضة التابع لمدرسة الجالية الأميركية ACS  فيها كرسي بلاستيكي أبيض. أطلعتنا السيدة التي تعيش في المبنى القديم المقابل أن أخاها يعتني بهذه الحديقة (تصوير: ميريام خوري، آذار 2020)
حديقة طولية الشكل تلف مبنى الرياضة التابع لمدرسة الجالية الأميركية ACS فيها كرسي بلاستيكي أبيض. أطلعتنا السيدة التي تعيش في المبنى القديم المقابل أن أخاها يعتني بهذه الحديقة (تصوير: ميريام خوري، آذار 2020)
يستخدم موقف الجامعة الأميركية أحياناً كمنطقة يتجمع فيها حراس الجامعة في فترة استراحتهم (تصوير: رنيم نحلة، آذار 2020)
يستخدم موقف الجامعة الأميركية أحياناً كمنطقة يتجمع فيها حراس الجامعة في فترة استراحتهم (تصوير: رنيم نحلة، آذار 2020)
شُيّد منزل العريضي – شقير على أرض غير صالحة للبناء مساحتها 36 متراً مربعاً. ووفقاً لأقوال أحد حراس الأبنية المجاورة فقد كان صاحب هذا المبنى قبل بنائه في تسعينات القرن الماضي يملك منزلاً آخر يقع في وسط بقعة أصبحت شارعاً اليوم. هدم مطورو العقار المبنى ليؤمنوا دخول السيارات إلى المبنى الجديد ثم بنوا منزلاً جديداً أصغر حجماً لآل العريضي – شقير في ما تبقى من الأرض (تصوير: ميريام خوري، آذار 2020)
شُيّد منزل العريضي – شقير على أرض غير صالحة للبناء مساحتها 36 متراً مربعاً. ووفقاً لأقوال أحد حراس الأبنية المجاورة فقد كان صاحب هذا المبنى قبل بنائه في تسعينات القرن الماضي يملك منزلاً آخر يقع في وسط بقعة أصبحت شارعاً اليوم. هدم مطورو العقار المبنى ليؤمنوا دخول السيارات إلى المبنى الجديد ثم بنوا منزلاً جديداً أصغر حجماً لآل العريضي – شقير في ما تبقى من الأرض (تصوير: ميريام خوري، آذار 2020)