الجهات الفاعلة في عملية تعافي ما بعد انفجار المرفأ وحوكمتها
تشارك مختبر المدن في بيروت مع مبادرة سياسات الغد لتحرّي وسائل وديناميات الحوكمة التي تنظّم عملية التعافي الحضري في أعقاب التفجير الإجرامي لمرفأ بيروت في الرابع من آب 2020.
يناقش الاستقصاء بشكل عام دور الدولة اللبنانية/النظام السياسي مرتكزًا على سياسات الاستجابة لانفجار المرفأ كمثال، وقد موّل هذا المشروع مركز بحوث التنمية الدولية International Development Research Centre (IDRC). لا تُعدّ هذه الاستجابة الأولى من نوعها ضمن عمليات إعادة الإعمار أو التعافي في لبنان الذي شهد نزاعات وكوارث لا تُحصى على مدى العقود.
لكن ما يختلف هذه المرة هو أن عملية التعافي لم يناصرها رئيس وزراء ملياردير كرفيق الحريري الذي عمل على جذب رؤوس الأموال الأجنبية والعربية إلى البلاد؛ كما لم يقُد عملية التعافي حزب سياسي طائفي نافذ كحزب الله ولم يسيطر على اجراءاتها ويفرض سلطته عليها. هذه المرة تجري عملية التعافي على إثر انتفاضة شعبية اجتاحت البلاد مطالبة بسقوط الطبقة الحاكمة وأركانها، وبعد انفجار إجرامي فاقم من أزمة الشرعية وغيرها من الأزمات المتداخلة التي ساهمت في اختلال آليات الدولة وإضعاف وظائفها.
وكما هو الحال في كل عملية إعادة إعمار، تحرّكت منظمات العون والإغاثة الدولية لدعم لبنان، لكن المتبرعين لم يبدوا أي اهتمام هذه المرة لتوفير شريان حياة للدولة اللبنانية في ظل سياق جغرافي سياسي غير ملائم. فثمّة شحُّ في المعونات التي تُقدّم - على خلاف العادة - بشكل مشروط ومحدود، وليس على هيئة ريوع يمكن تحصيلها والتحكم بها.
هناك مجموعتان من الجهات الفاعلة التي احتشدت استجابةً للانفجار على الأصعدة الدولية والوطنية والمحلية: المنظمات غير الحكومية الدولية (هيئات تابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والسفارات)، والجيش اللبناني (غرفة الطوارئ المتقدّمة في بيروت)، والهيئات العامة (الوزارات القطاعية، الهيئة العليا للإغاثة)، محافظة بيروت وبلديتها، بالإضافة إلى الجهات الفاعلة سياسيًا وطائفيًا ودينيًا والجهات الفاعلة في الشتات والمنظمات الدينية وغير الحكومية الدولية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني.
أُجريت دراسة مختبر المدن ومبادرة سياسات الغد من خلال مسارين:
(1) يستكشف المسار الأول إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار 3RF ومرافق التمويل المخصصة للبنان Lebanon Financing Facility المرتبطة بها والتي تأسست بُعيد ائتلاف البنك الدولي مع هيئات تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. يتميّز إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار بإضفائه طابعًا مؤسسيًا لمشاركة مؤسسات المجتمع المدني عن طريق تأسيس مجموعة استشارية تضم 16 مؤسسة تابعة للمجتمع المدني (يتم اختيارها بعد دعوة لإبداء الاهتمام تستقطب أكثر من 50 طلبًا). تُرشد هذا الاستكشاف مجموعتان من الفرضيات:
• يتألف هيكل إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار من ترتيبات مؤسسية قابلة للتكيّف وفعّالة قد تعرقل الاعتماد على المسار – وبالأخص فريقها الاستشاري.
• لكن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (1) يعزّز تشرذم مؤسسات المجتمع المدني في لبنان من خلال تأليف الفريق الاستشاري، و(2) لا يقدم ما يكفي من طرائق العمل المشترك المتسق والفعال بين تلك المؤسسات نحو الإصلاح ومساءلة المتبرعين والحكومة.
• يستعين هذا المسار بنهج مختلط الأساليب يعتمد على البيانات الأولية المستمدة من مقابلات مع مستجيبين أساسيين وعلى ملاحظة المشاركين. كما تعتمد على بيانات ثانوية من استعراض المنشورات غير الرسمية عن هياكل المعونة في المناطق التي يضعف فيها كيان الدولة.
(2) يحدّد المسار الثاني نشاطات الجهات الفاعلة وتدخلاتها على صعيد الحيّ في المناطق المتضررة من الانفجار. يستند هذا التحليل على الاقتصاد السياسي لأدبيات الإغاثة ويسلّط الضوء على العلاقة بين أنواع الجهات الفاعلة وماهية البضائع التي يقدمونها واختيارهم للمستفيدين. تظهر النتائج الأولية المبنية على عيّنة من 261 جهة فاعلة أن 31% منها جهات دينية أو سياسية أو طائفية (بما فيها 21% من المنظمات الدينية) بينما تشكل الجهات غير الطائفية 69% منها. يعتمد هذا المسار على الأدبيات المتمحورة حول توفير البضائع المتدنية القيمة والعالية القيمة في أوقات الأزمات وتفترض الفرضيتين التاليتين:
• تقدّم الجهات الفاعلة أنواعًا مختلفة من البضائع للأفراد في الأحياء السكنية تتراوح بين بضائع مخصصة لفئات محدّدة متدنية وعالية القيمة وبضائع جماعية متدنية وعالية القيمة.
• توزّع الجهات الفاعلة أنواعًا مختلفة من البضائع لغاياتٍ عدّة، منها: الزبائنية، المكاسب السياسية، ريادة الأعمال، الدعاية والإعلان و/أو الإيثار.
الأساليب هنا مختلطة أيضًا وتعتمد على الأدوات النوعية والكميّة وتشمل استبيانًا ومقابلات شخصية متعمقة وملاحظة المشاركين وخرائط وبحوث مكتبية. يستهدف الاستبيان المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والمنظمات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني ويقيّم المكوّنات الستة التالية: (1) توصيف حجم الجهة الفاعلة وأدائها؛ (2) العمليات التي تديرها الجهات الفاعلة على الأرض؛ (3) معيار توفير البضائع/الخدمات ونطاقه وتأثيره منذ الانفجار؛ (4) طريقة العمل المعتمدة لاختيار المستفيدين والمجموعات المستهدفة؛ (5) تمويل العمليات؛ (6) الشفافية والتدقيق والمساءلة.
تجري أبحاث فريقي مبادرة سياسات الغد ومختبر المدن في بيروت على نحوٍ متقدم ضمن المسار الأول حيث ما زال يتطلب إجراء بعض المقابلات وجمع بيانات إضافية بين شهري أيار وتموز 2022. أما بالنسبة للمسار الثاني، فستُستكمل المراحل الأخيرة من تصميم الاستبيان وستبدأ عملية جمع البيانات في أيار 2022. لذا نتوقع نشر النتائج الأولية مع حلول الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2022 والنتائج الكاملة ابتداءً من خريف 2022 وطيلة ربيع 2023.
وكما هو الحال في كل عملية إعادة إعمار، تحرّكت منظمات العون والإغاثة الدولية لدعم لبنان، لكن المتبرعين لم يبدوا أي اهتمام هذه المرة لتوفير شريان حياة للدولة اللبنانية في ظل سياق جغرافي سياسي غير ملائم. فثمّة شحُّ في المعونات التي تُقدّم - على خلاف العادة - بشكل مشروط ومحدود، وليس على هيئة ريوع يمكن تحصيلها والتحكم بها.
هناك مجموعتان من الجهات الفاعلة التي احتشدت استجابةً للانفجار على الأصعدة الدولية والوطنية والمحلية: المنظمات غير الحكومية الدولية (هيئات تابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والسفارات)، والجيش اللبناني (غرفة الطوارئ المتقدّمة في بيروت)، والهيئات العامة (الوزارات القطاعية، الهيئة العليا للإغاثة)، محافظة بيروت وبلديتها، بالإضافة إلى الجهات الفاعلة سياسيًا وطائفيًا ودينيًا والجهات الفاعلة في الشتات والمنظمات الدينية وغير الحكومية الدولية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني.
أُجريت دراسة مختبر المدن ومبادرة سياسات الغد من خلال مسارين:
(1) يستكشف المسار الأول إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار 3RF ومرافق التمويل المخصصة للبنان Lebanon Financing Facility المرتبطة بها والتي تأسست بُعيد ائتلاف البنك الدولي مع هيئات تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. يتميّز إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار بإضفائه طابعًا مؤسسيًا لمشاركة مؤسسات المجتمع المدني عن طريق تأسيس مجموعة استشارية تضم 16 مؤسسة تابعة للمجتمع المدني (يتم اختيارها بعد دعوة لإبداء الاهتمام تستقطب أكثر من 50 طلبًا). تُرشد هذا الاستكشاف مجموعتان من الفرضيات:
• يتألف هيكل إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار من ترتيبات مؤسسية قابلة للتكيّف وفعّالة قد تعرقل الاعتماد على المسار – وبالأخص فريقها الاستشاري.
• لكن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (1) يعزّز تشرذم مؤسسات المجتمع المدني في لبنان من خلال تأليف الفريق الاستشاري، و(2) لا يقدم ما يكفي من طرائق العمل المشترك المتسق والفعال بين تلك المؤسسات نحو الإصلاح ومساءلة المتبرعين والحكومة.
• يستعين هذا المسار بنهج مختلط الأساليب يعتمد على البيانات الأولية المستمدة من مقابلات مع مستجيبين أساسيين وعلى ملاحظة المشاركين. كما تعتمد على بيانات ثانوية من استعراض المنشورات غير الرسمية عن هياكل المعونة في المناطق التي يضعف فيها كيان الدولة.
(2) يحدّد المسار الثاني نشاطات الجهات الفاعلة وتدخلاتها على صعيد الحيّ في المناطق المتضررة من الانفجار. يستند هذا التحليل على الاقتصاد السياسي لأدبيات الإغاثة ويسلّط الضوء على العلاقة بين أنواع الجهات الفاعلة وماهية البضائع التي يقدمونها واختيارهم للمستفيدين. تظهر النتائج الأولية المبنية على عيّنة من 261 جهة فاعلة أن 31% منها جهات دينية أو سياسية أو طائفية (بما فيها 21% من المنظمات الدينية) بينما تشكل الجهات غير الطائفية 69% منها. يعتمد هذا المسار على الأدبيات المتمحورة حول توفير البضائع المتدنية القيمة والعالية القيمة في أوقات الأزمات وتفترض الفرضيتين التاليتين:
• تقدّم الجهات الفاعلة أنواعًا مختلفة من البضائع للأفراد في الأحياء السكنية تتراوح بين بضائع مخصصة لفئات محدّدة متدنية وعالية القيمة وبضائع جماعية متدنية وعالية القيمة.
• توزّع الجهات الفاعلة أنواعًا مختلفة من البضائع لغاياتٍ عدّة، منها: الزبائنية، المكاسب السياسية، ريادة الأعمال، الدعاية والإعلان و/أو الإيثار.
الأساليب هنا مختلطة أيضًا وتعتمد على الأدوات النوعية والكميّة وتشمل استبيانًا ومقابلات شخصية متعمقة وملاحظة المشاركين وخرائط وبحوث مكتبية. يستهدف الاستبيان المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والمنظمات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني ويقيّم المكوّنات الستة التالية: (1) توصيف حجم الجهة الفاعلة وأدائها؛ (2) العمليات التي تديرها الجهات الفاعلة على الأرض؛ (3) معيار توفير البضائع/الخدمات ونطاقه وتأثيره منذ الانفجار؛ (4) طريقة العمل المعتمدة لاختيار المستفيدين والمجموعات المستهدفة؛ (5) تمويل العمليات؛ (6) الشفافية والتدقيق والمساءلة.
تجري أبحاث فريقي مبادرة سياسات الغد ومختبر المدن في بيروت على نحوٍ متقدم ضمن المسار الأول حيث ما زال يتطلب إجراء بعض المقابلات وجمع بيانات إضافية بين شهري أيار وتموز 2022. أما بالنسبة للمسار الثاني، فستُستكمل المراحل الأخيرة من تصميم الاستبيان وستبدأ عملية جمع البيانات في أيار 2022. لذا نتوقع نشر النتائج الأولية مع حلول الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2022 والنتائج الكاملة ابتداءً من خريف 2022 وطيلة ربيع 2023.