حوارات بيروت للأرض: مسارات نحو استرداد القيمة الاجتماعية للأراضي الحضرية
حوارات بيروت للأرض هي سلسلة ورشات عمل تشاورية جمعت العديد من المعنيين بقطاع الأراضي لتقييم ممارسات التخطيط وإدارة الأراضي في المراحل الماضية وخلق مسارات محتملة لممارسات مستقبلية أكثر إنصافًا وقابلية للحياة.
بين تشرين الأول 2021 وآذار 2022، أطلق مختبر المدن في بيروت ومعهد لينكن لسياسة الأرض1 سلسلة من ورشات عمل تشاورية بعنوان حوارات بيروت للأرض التي جمعت العديد من المعنيين بقطاع الأراضي في لبنان. ارتكزت الحوارات على مبدأ بسيط؛ وهو أن الأرض هي عقدة مركزية في الانهيار الاقتصادي المستمر مما يحتّم على استراتيجيات التعافي، أيًّا كانت، وضع تصوّر لدور الأرض. فكان النقاش والتشاور في المسألة الخيار البديهي لأن أصحاب المصالح في هذا القطاع يتحدثون بلغات مختلفة ويختلفون في قراءاتهم للمراحل السابقة ورؤاهم المستقبلية في الوقت عينه.
لذا، أتاح النهج التشاوري المجال أمام أصحاب المصالح ذوي الاهتمامات المتباينة للاجتماع بشكل دوري والتعبير عن وجهات نظرهم وإيضاح مواقفهم.ومع أن المصاعب قد أرخت بثقلها على كافة الفئات السكانية في لبنان على نحو إنفرادي (وإن بصورة غير عادلة)، فقد قدّمت فرصة ذهبية لإطلاق حوار عن موقع الأرض ودورها في الاقتصاد الوطني. لذا عزّزت من استعداد الجهات المعنية ذات المصالح المتباينة للتعاون. حتى الجهات الفاعلة في مجال التطوير العقاري التي استفادت من القوانين العقارية النيوليبرالية والتراخي في فرض الضرائب فلم تُبدي استعدادًا لإعادة النظر في إطار السياسة العامة المتعلقة بالأراضي. وإنطلاقًا من هذه الفرصة، أفسحت الحوارات المجال للاستفادة من تنازلات كبيرة إلى حدٍ ما بهدف وضع سياسات أكثر استدامة وعدالة للأراضي في البلاد.
تسعى الحوارات إلى توضيح فكرة واحدة لا غير وهي وجود حاجة ماسة لتغيير جذري في إدارة الأراضي ومقاربتها. فعلى مرّ العقود، فقدت الأرض أدوارها الاجتماعية في لبنان مع حصر دورها بجذب رؤوس الأموال الأجنبية فقط. تنطلق هذه الحوارات من فرضية معاناة إدارة الأراضي في لبنان على مدى العقود الماضية من قصور بالغة فاقمت من جوانب الظلم الاجتماعي وتسببت بآثار جانبية بيئية سلبية وأضعفت التنظيم العام والمالية العامة ما ساهم في ظهور الأزمة الوطنية الحالية.2 تعالج الاستجابات العامة للأزمات المطروحة حاليًا مسألة الأراضي بالحلول (الفاشلة) نفسها التي طُرحت في العقود السابقة. وقد تُرجمت تلك الحلول إلى اقتراح إطلاق "صندوق مستقل لتخفيف الديون" مزعوم يسخّر الأراضي التي بحوزة القطاع العام ويستخدمها كأصول للتعويض عن الخسائر المادية التي تكبّدها القطاع الخاص، الأمر الذي يعدّ ترسيخًا لمفهوم الأرض كمجرّد رهن بدلاً من كونها مكوّنًا منتجًا في الاقتصاد.3
نعلم أن الحوارات التشاورية لا تستطيع تغيير توازن القوى أو تعديل المصالح الثابتة التي تشكّل سياسة الأرض، إنما تبيّن أن عددًا من المطورين و/أو الوسطاء العقاريين المشاركين في الحوارات مستعدون لإعادة النظر في المزايا المكتسبة من خلال القطاع. كما أظهرت التجربة إمكانية إزالة المفاهيم الخاطئة وخلق لغة مشتركة وإبراز المواقف المتقاطعة التي قد تؤدي إلى التوافق على مسائل محددة (مثل ضريبة التحسين). وبينما نتطلع إلى مرحلة جديدة من الحوارات التشاورية مع الحفاظ على التزامنا بمنهجيتنا، نؤمن بأن نجاح هذه العملية يعتمد على ضمّها إلى مجموعة من الاستراتيجيات الشاملة والداعمة للمسألة بجديّة أكبر.
يغطي هذا التقرير الذي ننشره اليوم أبرز المواضيع التي ناقشناها في ست جلسات حوارية. سعت النقاشات إلى (1) تقييم الأدوار السابقة والمستقبلية للأرض في النموذج الاقتصادي اللبناني، و (2) استكشاف التحديات المحيطة بالتنظيم، و (3) الاطلاع على الإصلاحات الممكنة من أجل وضع سياسات عامة عادلة وفعالة للأرض. بدأت كل جلسة بعرض بحثي 4 دعّمت النقاشات بالحقائق وسمحت للمشاركين بتجاوز المواقف المتضاربة على غير علم. يمكن الإشارة إلى ثلاث نتائج للجلسات المنسقة: (1) توضيح المخاوف، و(2) خلق لغة مشتركة، و(3) التلاقي على ضرورة مراجعة سياسات ضريبة التحسين للأراضي فورًا.
1 لدى معهد لينكن لسياسة الأرض خبرة طويلة في تقديم الاستشارات حول مسائل إدارة الأراضي للعديد من الحكومات حول العالم
2 منذ تشرين الأول 2019، عصفت بلبنان عدة أزمات متداخلة جسيمة مالية واقتصادية وسياسية. خسرت العملة اللبنانية خلال تلك الفترة بين 70 و90% من قيمتها، فارتفع التضخم المالي ارتفاعًا حادًا ما أثر على نسب البطالة حيث يقدّر البنك الدولي في أحدث تقاريره أن هناك شخص واحد من أصل ثلاثة عاطل عن العمل في لبنان.
3 الخشن، م. (2022) تطويق الأراضي في ظل أزمات لبنان المتعددة. مبادرة سياسات الغد. The Policy Initiative - Land enclosure in the wake of Lebanon’s multiple crises
تسعى الحوارات إلى توضيح فكرة واحدة لا غير وهي وجود حاجة ماسة لتغيير جذري في إدارة الأراضي ومقاربتها. فعلى مرّ العقود، فقدت الأرض أدوارها الاجتماعية في لبنان مع حصر دورها بجذب رؤوس الأموال الأجنبية فقط. تنطلق هذه الحوارات من فرضية معاناة إدارة الأراضي في لبنان على مدى العقود الماضية من قصور بالغة فاقمت من جوانب الظلم الاجتماعي وتسببت بآثار جانبية بيئية سلبية وأضعفت التنظيم العام والمالية العامة ما ساهم في ظهور الأزمة الوطنية الحالية.2 تعالج الاستجابات العامة للأزمات المطروحة حاليًا مسألة الأراضي بالحلول (الفاشلة) نفسها التي طُرحت في العقود السابقة. وقد تُرجمت تلك الحلول إلى اقتراح إطلاق "صندوق مستقل لتخفيف الديون" مزعوم يسخّر الأراضي التي بحوزة القطاع العام ويستخدمها كأصول للتعويض عن الخسائر المادية التي تكبّدها القطاع الخاص، الأمر الذي يعدّ ترسيخًا لمفهوم الأرض كمجرّد رهن بدلاً من كونها مكوّنًا منتجًا في الاقتصاد.3
نعلم أن الحوارات التشاورية لا تستطيع تغيير توازن القوى أو تعديل المصالح الثابتة التي تشكّل سياسة الأرض، إنما تبيّن أن عددًا من المطورين و/أو الوسطاء العقاريين المشاركين في الحوارات مستعدون لإعادة النظر في المزايا المكتسبة من خلال القطاع. كما أظهرت التجربة إمكانية إزالة المفاهيم الخاطئة وخلق لغة مشتركة وإبراز المواقف المتقاطعة التي قد تؤدي إلى التوافق على مسائل محددة (مثل ضريبة التحسين). وبينما نتطلع إلى مرحلة جديدة من الحوارات التشاورية مع الحفاظ على التزامنا بمنهجيتنا، نؤمن بأن نجاح هذه العملية يعتمد على ضمّها إلى مجموعة من الاستراتيجيات الشاملة والداعمة للمسألة بجديّة أكبر.
يغطي هذا التقرير الذي ننشره اليوم أبرز المواضيع التي ناقشناها في ست جلسات حوارية. سعت النقاشات إلى (1) تقييم الأدوار السابقة والمستقبلية للأرض في النموذج الاقتصادي اللبناني، و (2) استكشاف التحديات المحيطة بالتنظيم، و (3) الاطلاع على الإصلاحات الممكنة من أجل وضع سياسات عامة عادلة وفعالة للأرض. بدأت كل جلسة بعرض بحثي 4 دعّمت النقاشات بالحقائق وسمحت للمشاركين بتجاوز المواقف المتضاربة على غير علم. يمكن الإشارة إلى ثلاث نتائج للجلسات المنسقة: (1) توضيح المخاوف، و(2) خلق لغة مشتركة، و(3) التلاقي على ضرورة مراجعة سياسات ضريبة التحسين للأراضي فورًا.
1 لدى معهد لينكن لسياسة الأرض خبرة طويلة في تقديم الاستشارات حول مسائل إدارة الأراضي للعديد من الحكومات حول العالم
2 منذ تشرين الأول 2019، عصفت بلبنان عدة أزمات متداخلة جسيمة مالية واقتصادية وسياسية. خسرت العملة اللبنانية خلال تلك الفترة بين 70 و90% من قيمتها، فارتفع التضخم المالي ارتفاعًا حادًا ما أثر على نسب البطالة حيث يقدّر البنك الدولي في أحدث تقاريره أن هناك شخص واحد من أصل ثلاثة عاطل عن العمل في لبنان.
3 الخشن، م. (2022) تطويق الأراضي في ظل أزمات لبنان المتعددة. مبادرة سياسات الغد. The Policy Initiative - Land enclosure in the wake of Lebanon’s multiple crises
4 قدّم العروض كل من مختبر المدن في بيروت ومبادرة سياسات الغد والجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين ومعهد لينكن لسياسة الأرض ويسرها العديد من المشاركين خلال الجلسات وخاصةً موظفو القطاع العام.