العدوان الإسرائيلي على لبنان في أيلول/سبتمبر 2024
لا عجب أن تستمر إسرائيل بتصعيد أعمالها العسكرية الشرسة وتوسيع نطاقه على امتداد الأراضي اللبنانية والفلسطينية. فمنذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل أكثر من 1,600 شخص وأصابت ما يزيد عن 8,400 شخص في لبنان (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا)، 28 أيلول/سبتمبر 2024). سُجّل نصف عدد الضحايا تقريبًا بعد تاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2024 (الجزيرة) وما زالت إسرائيل تشنّ سلسلة واسعة من الضربات الجوية على امتداد الأراضي اللبنانية. يأتي هذا العدوان بعد أيام قليلة من تفجيرات أجهزة النداء الآلي (البيجر) والاتصال اللاسلكي التي قتلت 32 شخصًا على الأقل وجرحت أكثر من 3,000 (مجلة نيولاين) وهم بمعظمهم من المدنيين. هجّرت موجات القصف المستمرة أكثر من مليون شخص (أوتشا، 28 أيلول/سبتمبر 2024). تصعّد إسرائيل عنفها في لبنان بعد أكثر من أحد عشر شهرًا من القتل والقمع والاعتقال وتدمير المنازل والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والإبادة الجماعية الجارية في غزة. تواصل إسرائيل وحشيتها ودمويتها بدعم من حلفائها في الغرب، وقد قدّمت إليها الولايات المتحدة الأميركية مؤخرًا حزمة جديدة من المساعدات تُقدّر قيمتها بـ 8,7$ مليار دولار أميركي (رويترز).
خلال العام الماضي، كرّس مختبر المدن جهوده للتصدّي للتضليل الإعلامي من خلال تشفير وتصوير البيانات المتعلقة بـ غزة والضفة الغربية والحدود الجنوبية اللبنانية. تُظهر أبحاثنا بوضوح ممارسة اسرائيل العنف بشكل مفرط وغير متكافئ ضد المدنيين. فقد فاقت الغارات الجوية التي شنّتها إسرائيل على لبنان، والتي استخدمت فيها أسلحة محرّمة دوليًا، أربعة أضعاف في الأشهر الإحدى عشر الماضية (آكليد ACLED) كما أنها ضاعفت من حدّة العنف بشكل مفاجئ في الأسابيع الماضية. في إحصاء للأضرار العمرانية في غزة، تبيّن أن نحو نصف عدد المباني (46.8%) وما يزيد عن ثلثي الأراضي الزراعية (69%) في غزة إمّا متضرّرة أو مدمّرة (يونوسات UNOSAT 6 تموز/يوليو 2024).
لكن هذه الأخبار نادرًا ما تتصدّر عناوين الصحف ووسائل الإعلام الغربية التي تبرّر الحصانة الإسرائيلية وتروّج لها عبر صناعة الموافقة حول الإبادة في غزّة بالأمس وفي لبنان اليوم. وبينما يروّج الضباط وصناع القرار الإسرائيليون للأكاذيب ويفرضونها كحقائق على العالم تتراكم جثث الضحايا في غزة ولبنان ويُعتّم عليها إعلاميًا أو تُعتبر مجرّد أضرار جانبية. قتلت إسرائيل ستة صحفيين لبنانيين واثنين إسرائيليين و111 صحفي فلسطيني (لجنة حماية الصحفيين) أثناء آدائهم لواجبهم المهني بنقل الحقائق من الميدان. ولكن الكثير من الصحفيين الغربيين يغضّون الطرف عن تلك المآسي بعنصريةٍ صارخة.
ينشر المختبر اليوم خريطة تحدّد مواقع العنف زمنيًا ومكانيًا وترصد تبادل إطلاق النار بعد السابع من أكتوبر (8 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي - 27 أيلول/سبتمبر) عندما ربط حزب الله وقف إطلاق النار في الحدود الجنوبية اللبنانية بوقف إطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين. على مدى أحد عشر شهرًا بدا وكأن قواعد الاشتباك قد احتوت نطاق تبادل إطلاق النار اليومي حيث اقتصر على منطقة محدودة على الجهتين من الحدود حبث هُجّر السكان، على الرغم من بعض التصعيد المتقطع من الجانب الإسرائيلي والذي شمل ضربتين على العاصمة اللبنانية بيروت (في 2 كانون الثاني/يناير و30 تموز/يوليو 2024). كما تظهر الخريطة تصاعد العنف المفاجئ على امتداد الأراضي اللبنانية بعد أن وسّعت إسرائيل أجندة حروبها. ففي أسبوع واحد فقط سجل بياناتنا شنّ إسرائيل ما يزيد عن 800 غارة جوية قُتل فيها عددًا كبيرُا من الضحايا فاق عددهم عدد ضحايا العام بأكمله، كما سُجّل ويسجَّل المزيد من الغارات حتى الساعة.
وبصفتنا مختبر حضري نعمل لتحقيق مستقبل عادل فنحن نستخدم أدواتنا التحليلية والتصويرية لشجب هذه الأهوال التي ترتكب في حق الناس في بلادنا والمنطقة بشكل عام. وردًا على العدوان الدموي الجاري انطلقت مئات المبادرات التضامنية لدعم السكان المهجرين الذين لجأوا إلى العديد من المدارس الرسمية في لبنان (يمكنكم الاطلاع على منصة رصد البيانات الخاصة بمراكز الإيواء هنا). نسعى في الأيام القادمة إلى تعزيز خدمتنا لقضية العدالة عبر إبراز المبادرات التضامنية إيمانًا منا بأن التعاطف الجماعي والدعم المتبادل قد يساهمان في تشكيل عالم أفضل.
زوروا منصة التصعيد على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية هنا.